top of page

الانتباه الجزئي المستمر

نحن الآن في القرن الحادي والعشرين نجلس على هرم معرفي لم يخطر على بال بشر، تتوفر لدينا مجموعة كبيرة من الأدوات والأبحاث والكتب أشبه بكوكب كبير من المعرفة، ورغم ذلك ينشغل المعظم بلعب الورق والقدم وبأمور وأحداث لن تقدم أو تأخر شيء أو حتى تغيره. حينما ننظر لتراثنا العلمي والفكري ونبحث في تاريخ المفكرين الكبار نجد بأن حجم الاهتمام والإنجاز المعرفي بيننا لا يقاس فالمسافة فلكية بيننا وبينهم، ولتعرف ذلك قارن بين ما هو متوفر لنا الآن من أدوات ومعينات وبين ما كان متوفر لهم، ورغم ذلك تمكنوا من كتابة مئات المصنفات وملايين الكتب بأيديهم والتي أقل ما يوصف بأنها عميقة ودقيقة، عندها نقف ونتساءل!! هل هؤلاء أجدادنا فعلاً وهل نحن أحفادهم؟!


في الحقيقة نعم لكن هم أناس صدقوا مع البشرية ومع أنفسهم ووثقوا بها لنشر الخير والنفع بإرادة نابعة من إيمانهم بإصطفاء القدر لهم لهذه المهمة.


يجب أن ندرك بأن القوى المتحكمة الآن تعمل وتجتهد بنشاط لخلق وتوفير كل ما نعتقد بأنه لتحقيق الراحة لنا، ولكن في الحقيقة الهدف منه هو إستغباء الشعوب وتغييب دور العقول، لذلك وجب علينا أن ندافع عن أنفسنا ونكافح هذا الإستغباء بإعادة تعزيز القراءة كسلوك، وتحفيز مخيلتنا وتوعية أنفسنا وتعزيز مفهوم الإيمان لدينا، وهذا ضروري ومهم لنحافظ على عقولنا، مستخدمين ما هو متوفر لنا بطريقه مناسبة لتحقيق منجزات بحثية ومعرفية وفكرية تفوق ما أنجزه مفكرين التراث، وليس للخمول ونيل الراحة.


دراسة بحثية قام بها كلاً من جاري سمول وسوزان بوكهايمر بجامعة كاليفورنيا الأمريكية، وجدوا بأن التعامل مع التكنولوجيا بشكل مستمر يتسبب بحالة من الانتباه الجزئي المستمر للدماغ، وتمثل عبئاً كبيراً على المخ، فيستجيب لها بتحفيز الجسم لإطلاق هرمونات التوتر (الكورتيزول والأدرينالين)، حيث تعمل على زيادة طاقة الجسد ووحدة الذاكرة على المدى القصير، لكنها على المدى الأبعد، قد تكون ذات تأثير شديد الإيذاء، فتتسبب في الشعور بالإجهاد وتدني الطاقة، كما أنها تقوم بإعاقة عملية التعلم، وتؤثر على سير التيارات العصبية في مناطق المخ المسؤولة عن الحالة النفسية، مسببة الشعور بالتوتر والكآبة والعزلة.


أنت كبشري مهما كانت الظروف من حولك ومهما كان حجم الركام الذي يحيط بك، عليك أن تتمسك بممارسة حقك في طرح الأسئلة وفهم العالم والمساهمة في بناءه، فالمعرفة الآن تتضاعف بشكل متسارع وكبير، ومتاح لنا ما لم يكن متاحاً في أي وقت سابق، كل ما علينا هو استخدامها بشكل صحيح ونية صادقة وعزيمة مستمرة عندها ستجد بأنك بالبحث والقراءة ستحصل على احترام العقلاء والدارسون والكبراء.


لذا اقرأ وتعود من الجهل والكسل فهو سبب الفساد والمرض والضلال وتأخر الشعوب.



مقــالات مختــارة
آخـر المقــالات

Search By Tags

No tags yet.
Follow Us
  • Facebook Classic
  • Twitter Classic
  • Instagram Social Icon
bottom of page