top of page

عمى التركيز

أثبت الدراسات والأبحاث التي يجريها المختصون على الدماغ والعقل البشري بأن العقل لديه قدره محدودة في الاستجابة لمجموعة مثيرات تقع في مكان واحد ووقت واحد بحيث يعمل الدماغ البشري على الاستجابة لمثيرات معينة بشكل إنتقائي ويركز عليها، وهذا عائد لبنية العقل المحدودة التي لا تستطيع التعاطي مع التفاصيل في كل شيء خاصة الأشياء التي لا تهمها.


لذلك نستطيع القول بأننا جميعا مصابون بعمى التركيز ولكن بمستويات مختلفة مما يدفعنا بشكل عام لإهدار وإهمال التفاصيل والتعاطي مع الأحداث والوقائع والشخوص بمنطق الفئات، فلا نتعاطى مع الأشخاص كلاً على حدى وبأن لكل منهم تفكيره ومنطقه الخاص، أو أن لكل واقعه أو حدث حالتها الخاصة، بل نتعاطى مع كل شيء وفق منطق الفئات والمجموعات تسهيلاً على أنفسنا لأننا كسالى ومحدودي القدرة.

هذه الممارسات وهذا المنطق في التعامل مع ما يدور من حولنا يعد خطيراً وكارثياً، لأنك تتعاطى مع الأمور من منطلق أنك الحاكم الذي يتمتع بالعلم والقدرة المطلقة وتتصرف على هذا الاساس بدماغ مليء بالكانتونات فتبدأ في بوضع تقسيمات تحدد تعاملاتك وأحكامك، متعلم وغير متعلم، سني وشيعي، موالي ومعارض، شرقي وغربي، مسلم وغير مسلم، ذكر وأنثى... إلخ.


علينا أن ندرك كبشر وعبر التجارب التي نعيشها أننا قاصرين وغير قادرين ولا نملك الرغبة ولا الإستعداد للخوض والغوص في بحر من التفاصيل في أمور لا تهمنا، لذلك لا تحكم على الشخوص ولا الجموع ولا الأحداث بمنطق العموم، وفي المقابل لا تمعن في التركيز على صورة معينة أو ركن محدد في لوحة الحياة لأنك عندها لن ترى في لوحتك إلا ما تركز عليه.


لذلك أمعن النظر، أدرس، تفحص وتحقق.



مقــالات مختــارة
آخـر المقــالات

Search By Tags

No tags yet.
Follow Us
  • Facebook Classic
  • Twitter Classic
  • Instagram Social Icon
bottom of page