الوعي بالوهم
قرأت عبارة نسبت لأحد العباقرة القدامى حيث قال: "ما بال هذا العالم المليء بالأطفال العباقرة والكبار الحمقى"، اسمحوا لي أن أوافقه قوله، فعندما نظرت من حولي وجدت بالفعل بأن جميع الأطفال الصغار عباقرة وأذكياء ويتمتعون بسرعة بديهة، ورأيت أيضا للأسف مجموعة كبيرة من الكبار الحمقى كانوا يوصفون عباقرة في صغرهم، ولكن عدم تواصلهم مع ذواتهم الحقيقية ومسيرهم وراء الأنا الزائفة وتأثرهم بالأنماط التي حولهم والأدوار التي يعيشونها كانت السبب في ذلك.
الأنا الزائفة والتي بدأت تتشكل منذ لحظة ولادتك واختيارهم للاسم الذي سيرافقك مدى حياتك، هذه الأنا ليست هي ذاتك الحقيقية، بل أن ذاتك الباطنية والأنا الباطنية بعيده كل البعد عن هذه الأنوات الزائفة والمزيفة، والتي تستخدمها للاختباء ورائها متقمصاً أدوار عديدة في حياتك منها ما فرض عليك ومنها ما كان باختيارك.
إياك وأن تقع ضحية للدور، فالدور في الحقيقية ليس أنت، أنت أكبر من أي دور يمكن لك أن تلعبه، وستكتشف في وقت ما أن كل هذا ما هو إلا خيالات وأوهام، ولا تكن كالضعفاء أصحاب شخصية بيت العنكبوت، الذين يغضبون إذا نزعت ألقابهم، بل ركز على باطنك، ركز على الداخل لتكون إنساناً حقيقياً.
بريسون يقول: "من عرف باطنه عرف بواطن الأشياء"، فلا يحيا إنساناً مادام لا يعرف باطنه، والذي لا يعيش الأنا الحقيقية ولا يحسن الاستماع والإصغاء لها سيبقى عائشاً للزيف، وسيصاب بخيبات وانكسارات وفشل، حتى لو قد سبق له حصاد نجاحات وأموال وشهادات، فكل هذا لا قيمة له ما دام لم يعرف حقيقة نفسه.
لتتعرف أنت على ذاتك الحقيقية عليك محاولة الوصول للحظة وعي بالوهم، وهي أن تدرك أن هذه الأنا التي تعيشها مجرد وهم وغير حقيقية، عندها ستجد بأنها تتبخر مباشرة. فلن يكون هناك موتاً للأنا الوهمية ولن تتمكن من الانتصار عليها، إلا بعد أن تدرك وهميتها وتدرك بأنك أنت لست ما أنت عليه.