الإتصال العاطفي
التواصل العاطفي السليم مع الآخرين يعتمد إعتماداً كلياً على النظر إليهم بنظرة إهتمام، بحيث أن تعمل على عكس ما تدركه وتشعر به من كلام الطرف المقابل بإشارات وتلميحات وتعابير وجهية وحركية غير لفظية تظهر فيها إهتمامك وإنتباهك وبذلك تنال بها حب الطرف الآخر، وهذا يعد من أفضل وأقوى طرق التواصل حسب رأي علماء النفس والأعصاب المحدثون.
فقداننا لهذا النوع من الإتصال الذكي يتسبب في مجتماعاتنا حالياً بتدمير الحياة الأسرية بل قد تصل في كثير من الأحيان إلى الطلاق بين الأزواج نتيجة لعدم قدرتهم على التواصل الناجح وإفتقارهم لمهارات الإتصال العاطفي، لذلك إحرص في تواصلك كمستقبل على النظر في الطرف المرسل وحاول أن تدرك لغته غير اللفظية وأعكس بدورك تلميحاته.
بول إيكمان خبير ورائد في دراسة علاقة المشاعر بتعبيرات الوجه إستطاع أن يميز ويحدد أكثر من عشرة آلاف تعبير وجهي، قد تقول في نفسك كيف لي أن اعلمها وأحفظها جميعها. في الحقيقة جميعنا يدرك أغلب هذه التعبيرات بل يمكن أن نقول جميعها لكن بشكل غير شعوري وبطريقة لا واعيه، فمثلاً أنت قادر ودون أدنى شك أن تحدد أن فلان كاذب حتى وإن إدعى الصدق، فأدمغتنا تدرك هذه التعبيرات ولكن عقلك الواعي لا يدركها.
يقول عثمان بن عفان رضى الله عنه: "ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صَفَحَات وجهه، وفَلتَات لسانه".
كن حريصاً أيضا في تواصلك على إنتقاء ألفاظك، فزلة لسان أو سقطة واحدة قد تتسبب في قطع علاقات وروابط وكفيله بأن تهدم صرحاً كبيراً، وفي المقابل قد تكشف وتفسر لك شيئاً كبيراً ومهماً كان غائباً عنك، فزلات اللسان توقع بمن يتقمصون دور الأوداء والأحباب.
يقول الله تعالى: " أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (29) ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم(30)"
السؤال الذي يتوجب طرحه الآن، لماذا نفشل في التواصل العاطفي؟!
هناك عدة أسباب وراء فشل معظمنا في هذا النوع من الإتصال نلخصها في التالي:
- النقاش والتواصل مع الآخرين عند شعورنا بالإجهاد أو المرض وعندها نكون غير قادرين على التركيز فيما نتلقاه ونشعر به لعكسه بتلميحات غير لفظيه، وتزيد عندها فرصة الوقوع بزلات وسقطات، لذلك تجنب الخوض في اي نقاش وأنت تعاني من التعب والإرهاق.
- أيضاً الأسرة قد تلعب دوراً كبيراً في إكساب الفرد هذا النوع من مهارات الإتصال، فإذا كانت الأسرة تعاني من ضعف هذا النوع من الإتصال وكان الأب يتخذ دور البطريارك، عندها حتماً ستنتج أفراداً معاقه تواصلياً، فاشله في علاقاتها مع زملائها ومدرائها وأزواجها.
لذلك حاول أن تتفاعل وتظهر مشاعرك في المواقف المختلفة التي يمر بها من هم حولك وبطريقة طبيعية، وحاول أن تتحدث في مواضيع تثير إهتمام الطرف الآخر واحرص على تعزيز كل سلوك إيجابي لديك لتكسب محبة الآخرين.