بين التوجه والمسار
ستجد أحياناً وبالقرب منك أشخاصاً يهتمون بخططك وأهدافك ويترقبون ما ستقدم على فعله، مفترضين فشلك من البداية ويتشوقون لمعاقبتك عليه، ويستمرون بإحباطك ويعززوا شعورك بحتمية الاستسلام للظروف من خلال تحذيرك وتخويفك وقص حكايات لتجارب فاشلة مرت عليهم أو على من يعرفونهم، هؤلاء بلا شك هم النمطيين واليائسين والفاشلين الهدامين، وقد تكون أنت من يأخذ هذا الدور أحياناً.
قد نلاحظ وفي معظم الوقت أنه يفرض علينا المسير في تنفيذ أعمالنا أو إدارة حياتنا وأسرتنا وتحقيق رؤيتنا وتطلعاتنا أن نتبع مسار محدد وأن نلتزم في خط واحد مستقيم لا نحيد عنه، قد يرسم لنا أو نرسمه بأنفسنا، اعتقادا منا بأن هذا المسار هو السبيل الوحيد للوصول ومن غيره فالفشل قادم لا محالة، وقد نسينا تماماً بأننا كبشر لم نعد ولم نهيئ ولم نخلق لكي نكون كذلك، وبذلك لن ننجح أبداً، فالمسار الذي نسلكه ليس مهماً بمقدار تحديدنا لوجهتنا ووضوح رؤيتنا.
ونشهد أيضا وبشكل يومي العديد من أحكام الفشل التي يتم إصدارها بحق أنفسنا وبحق الآخرين بمجرد التعثر وضل السبيل، فبكل بساطة ودون أدنى مسئولية يتم استصدار أحكام يومية على هذا وذاك بأنهم فشله وقد ضلوا طريقهم للأبد، تاركين المحكوم عليهم غارقين بآلامهم وخوفهم دون مساعدة أو معاونه، رغم أننا جميعاً قد نحتاج يوماً إلى القليل من العون لنتدارك أخطائنا وننهض بأنفسنا.
هذا ليس تبريراً للخروج عن الطريق وليس تبريراً للفشل، ولكن دعوه لكي لا نسلم بأنفسنا ليحطمنا ويدمرنا الخطأ، ونحكم على أنفسنا وعلى الآخرين إلى الأبد، فيتوجب علينا أن نفهم أن من لديه رؤية واضحة تحدد له الهدف والغاية، ومؤمن بها وبأحقيتها، ويتمتع بنية وإرادة تسموا إليها، سيحقق النجاح لا محالة، حتى لو تباطأت خطاه وخرج عن المسار واختار أن يغير التيار، بقليل من المساعدة سينجح لا محالة، وكثيرون هم الأذكياء الذين يتعلمون من فشلهم ويدركون كيف يستخدمون ويسخرون آلامهم، ويغتنمون خوفهم في جعل أنفسهم أكثر قوة بسلاح رؤيتهم الثاقبة النابعة من كيمياء إيمانهم بالتغيير وسحر التوجه السليم، فكن قوياً أمام شبح الفشل ولا تسلم بنفسك للعجز والكسل.