السعي والتجديد
يكمن نجاح الفرد وتقدمه وتميزه في التعرف على طريقته المثلى في معايشة الحياة، وفهمه للذات والتحكم بها بطريقة فاعله من خلال الغوص في النفس عميقاً سائلاً نفسه من أريد أن أكون؟ وما الذي سيجعلني سعيداً؟ عندها سيتغير منظوره للحياة، لذاته، لأهدافه وغاياته، وسيعرف سبب وجوده.
كثيرون هم من يعيشون ويعملون ضمن أنماطٍ وأطرٍ محددة ودوائر مغلقة، مانحين أنفسهم أحساساً زائفاً بالشعور بالأمان، فهم فاقدون للتركيز ولا يتوفر لديهم مبدأ الحل الوسط، مسلوبي الإرادة لا يكافحون ولا يعملون لتحقيق أهداف ورؤى، بل يعالجون مشاكلهم لحظة ظهورها ويسيرون بخطى أقل ما يوصف بأنها مكانك سر، مستمرون في إخماد وإطفاء وإسكان إرادتهم للتغيير، ملقون باللوم على الآخرين بحجج وعلل غير مقبولة ولا مبرئه، تحت إطار ومفهوم خاطئ للقدر، ويبررون ويجادلون جدلاً عقيماً فارغاً لا يتقنه ويتمهره إلا الفشله، فالفاشل هو من يستمر في البحث عن حجج يبرر بها تعلله وتذمره وعدم تقدمه.
يقول الإمام الشافعي: نعيب زماننا والعيب فينا... وما لزماننا عيبٌ سوانا... ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ... ولو نطق الزمان لنا هجانا.
لكن في المقابل، لو عرف الفرد منا المكان الذي يجد به نفسه، وحدد الطرق التي تناسبه لإنجاز أعماله وأهدافه، وأشعل إرادة نابعة من رغبة في التغيير لتمكن من فعل المعجزات والخوارق، فالقوي المنجز الناجح لا يرضى بمنطق الاعتلال، لا ييأس ولا يحبط ولا يعتذر عند السقوط، بل يتقمص دور الحكم لائماً نفسه ومدركاً ومعترفاً بأخطائه، قاعدته واضحة وصريحة في أن الأمر لا يتعلق بمقدار المحاولات الخاطئة، بل بمقدار القوة في الاعتراف بها والتعلم منها، مستمراً في التقدم للأمام ممسكاً بيده شعلة وقودها العزيمة والإرادة لينير بها دربه.
ووفقاً لهذا النهج ولو صح العزم، لأستطاع كل منتهج له أن يكون من كبار المؤثرين والاستثنائيين، فالموهبة موجودة بداخلنا فطرياً ولكن تحتاج للصقل بالعمل الجاد والإرادة القوية.
هذا يوم جديد على عملك شهيد، فأين السعي والتجديد.