الجسد رمز الوجود
نظرة البشرية للجسد اختلفت على مر العصور وتباينت بين الاهتمام به كأداة للوجود، وبين تجاهله ونبذه باعتباره سبباً للفساد والرذيلة حسب ما يراه الفلاسفة اليونان، ولو تناولنا رأي سقراط باعتباره شخصيه فلسفية تاريخية معروفه، يرى بأن الجسد متعفن وأن الروح طاهرة، وهي من تحفظ للجسد طهارته، لكنه حالما يتعفن فهي تغادره بالموت إلى نبعها الطاهر، أما الآن وبتغير الثقافات المجتمعية والتي منحت الجسد دلالات جديدة جعلته يلقى اهتماماً كبيراً سعياً لإضفاء طابع الثقافة عليه كعمليات التجميل والختان، بل وتطور الحال بحثاً عن الهوية الجنسية سواء كان ذلك عبر عمليات التحول الجنسي أو ممارسة الشذوذ عليه.
ولتتضح المفاهيم لدينا دعونا نفرق ما بين البدن والجسد، فالبدن (الجسم) هو كل ما يشغل حيزاً فضائياً أي له طول وعرض وارتفاع ولا روح فيه، أما الجسد فهو ذلك البدن الذي به روح ووعي ومحدد السلوكيات، وأتفق معظم الفلاسفة على ذلك في أن الإنسان مكون من ثنائية البدن والروح.
هذا الجسد الذي يمنحنا الوجود الإنساني والحضور المادي في هذا العالم، لننتقل من المستوى التصويري (اللامادي) المرتبط بوعي الإنسان بذاته إلى المستوى الواقعي (المادي)، لنتمكن من تحديد الهوية الشخصية، ولمعرفة الجوهر الإنساني مرورا بالبوابة الجسدية، وهو الأداة التي تستخدمها لإنجاز ما جئت من أجله في هذا الكون ومن غيره لا يمكنك تحقيق رسالتك والغاية من وجودك، لذا يتوجب عليك المحافظة عليه لأنه أداتك الوحيدة للتواصل مع هذا العالم، ويستحق منك العناية والاهتمام، لتعكس ما تفكر به، وتحدد ثقافتك ومنهجك.
الطاقة الجسدية التي تمكن هذا الجسد من العمل والعيش تنقسم لنوعان: الأول يطلق عليه الطاقة المكتسبة وهي التي نحصل عليها من الطعام والشراب والهواء والنور، والنوع الثاني يعرف بالطاقة الموروثة وتكتسب أثناء فترة وجود الجنين في الرحم، ويقال بأن هذه الطاقة الموروثة تكفيك للعيش ثلاثة أضعاف عمرك الحقيقي، ولكن ما يحدث من تدمير وإهلاك لطاقة هذا الجسد نتيجة تناولنا لأطعمه غير صحية، واستنشاقنا لهواء ملوث بالإضافة للعديد من العادات الحياتية الخاطئة، كلها تعمل على استنزاف هذه الطاقة بشكل كبير وفي وقت قصير.
ولنتمكن من المحافظة على طاقتنا الجسدية قدر الإمكان، ولنتمكن من عكس فكرنا ومنهجنا وتحقيق ما نريد، علينا الوصول لحالة ديناميكية كاملة من الرفاه الجسدي نتمتع بها بكافة العمليات الحيوية لوظائف الجسم والتي تتطلب عمل جميع أجزاءه سوياً، حيث أن الإنسان ذو الصحة البدنية السليمة يتمتع بالعزم والقوة والطاقة.
لذا حافظ على توازنك الجسدي والصحي.