السفر عبر الزمن
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن السفر عبر الزمان والانتقال للماضي أو المستقبل، وكثرة الأطروحات في هذا الموضوع، والبعض يعمل على نشر فيديوهات لحالات تسرد تجارب خاصة أو توثق حالات ومشاهدات لأناس تمكنوا من الانتقال والسفر عبر اختراق جدار الزمكان.
حتى الآن لم يتمكن أحد من فهم لعبة الوقت رغم اتفاق جميع الباحثين والعلماء في أن الزمان يعتبر شخصياً وليس عالمياً فهو يعتمد على المكان الذي أنت فيه وسرعتك التي تتحرك فيها، وقد تم إثبات أن سرعة عقارب الساعة تتأثر بالجاذبية، فكلما زادت الجاذبية تباطأت سرعة الساعة والعكس صحيح، هذا الإثبات كان من خلال الاعتماد على نظرية أن الأرض ليست صلبة وإنما هي أشبه بكرة هلامية مستمرة في التحرك للأعلى والأسفل تحت قدميك بمعدل 30 سم ما بين الارتفاع والانخفاض ومؤثرة بذلك على سرعة الساعة، وهذا التأثير لا يمكن أن نشعر به فهو يمثل أجزاء معدودة بالمليار من الثانية، ولا يمكن قياسه بالساعة العادية، لذا تم ابتكار ما يسمى بساعة السينيوم التي تعمل على قياس ذبذبات الذرة النووية بمعدل 9 مليارات مرة في الثانية (10 مليون نانو في الثانية) ويتم حالياً استخدامها في أنظمة الـ GPS.
حتى الآن لم نصل لإثبات أو نفي هل السفر ممكن أم غير ممكن عبر الزمكان؟؟!
حسب ما تنص عليه النظريات المثبتة والحسابات المتعلقة في سرعة الضوء، لو افترضنا انك تحركت حول الأرض بسرعة مليار و 78 كم في الساعة ولمدة سنة كاملة ستجد عند عودتك للأرض قد تقدم بها الزمان 10 سنوات، ولكن هذه السرعة غير ممكن الوصول إليها حتى الآن.
لو نظرنا للموضوع من منظور عام بعيداً عن التفاصيل لكي نتمكن من استيعابه، فإن الأشياء التي نراها هي نتيجة انعكاس الضوء عليها وحمل الضوء المنعكس لصورتها ونقلها لك بسرعة 299274 كم في الثانية التي هي سرعة الضوء وهذا ما نتفق عليه بلا شك ونعرفه جميعاً، وحسب هذه السرعة فالشخص الذي تراه يجلس بجانبك في الواقع أنت تراه في الماضي بفارق زمني مقداره 1/مليار جزء من الثانية، والنجوم التي تراها في السماء معظمها غير موجود الآن، كما أن ضوء الشمس الذي يصلك هو ما صدر منها قبل 8 دقائق من الآن.
حتى الآن لم نصل لإثبات أو نفي هل السفر ممكن أم غير ممكن عبر الزمكان؟؟!
اينشتاين يقول حسب نظريته أن الزمان كالمكان كلها موجود الفرق يكمن فقط فيما تنظر إليه، وهذه النظرية ثبت إنها غير قابلة للتطبيق لأنها تتطلب توفير حلقة دوارة على شكل اسطوانة تدور بسرعة الضوء تعمل على تحويل الزمان إلى مكان والمكان إلى زمان، وبالسفر فيها للمستقبل ستجد بأنك تعود بالزمن للماضي، وهذا غير ممكن بل مستحيل ليس لإيجاد اسطوانة تدور بسرعة الضوء بل لأنها تطلب اسطوانة لا نهاية لها، وهذا يستحيل علينا كبشر، ولكن هل يمكننا أن نستغل الاسطوانات الموجودة في هذا الكون تحت مسمى الثقوب السوداء؟ طبعا هذا غير ممكن فهي تعمل على إذابة الزمان بالمكان وتعد أيضاً طريق في اتجاه واحد تعمل على سحق كل ما يدخل بها.
واحدة من النظريات الخيالية الأخرى لكيب ثورن تسمى بنظرية الثقب الدودي التي تنص على إنه يمكن الانتقال عبر مكانين بطريق مختصرة عبر ثقب أصغر من الذرة نعمل على توسعته من خلال التأثير عليه بطاقة عاليه جدا تسمى بالطاقة السلبية تقاوم الجاذبية وتخترق نسيج الزمان والمكان، وفي الواقع هذا النوع من الطاقة غير موجود.
كل ما سبق يثبت أن الانتقال عبر الزمن غير ممكن حتى الآن، ولو أردت الانتقال للماضي عليك الانتقال للمستقبل الذي يمكن أن يكونوا فيه قد تمكنوا من صناعة آلة الزمن التي تمكنك من العودة للماضي البعيد.
ما يمكن أن يخدمنا لكي لا نستسلم أمام هذا الحلم والهاجس بالنسبة للبعض، هي نظرية الكم (علم داخل الذرة) والتي تنص على أن الجسيم موجود في كل مكان وفي نفس اللحظة، حيث أثبتت هذه النظرية علمياً بتأثر جسيم الضوء (فوتون) بما تفعله في فوتون آخر في مكان آخر، وهذا قد يساعد في إرسال رسائل للماضي، وإذا تمكن العاملين على هذا الموضوع من تطبيقه على رسالة سيمكنهم بعد ذلك تطبيقه على البشر، بالرغم من أنه سيعمل على خلق مفارقة في وضع شيئين متناقضين في الماضي، فمثلاً لو أرسلنا علاج لمرض الطاعون هل عندها كل الذي توفوا سيكونون أحياء الآن؟؟
بإعتقادي أنه حتى لو تم التوصل لهذا الاكتشاف فإن الماضي سيكون هو لحظة الاختراع، فلا يمكنني استيعاب ما سيحدث لو عدت ومنعت نفسي من إتمام صفقة شراء منزلي الذي أعيش فيه، أين سأكون الآن وماذا سيحدث للحاضر؟ أتوقع أن الكون لن يسمح بحدوث هذا التغيير في الماضي الذي سيؤثر على مجريات الحاضر.
ولكن وفق هذه النظرية "نظرية الكم" التي يمكن أن نربطها بنظرية العوالم المتوازية، والتي تنص على أن لكل شيء عدد لا متناهي له من الاحتمالات، فـ زيد منه عدد لا نهائي من زيد، وأنت منك عدد غير نهائي، وكذلك بيتك وسيارتك و و و ...الخ، عندها لو عدت للماضي وفق نظرية الكم وغيرت حدث معين لن يقف الكون في طريقي لأنني سأكون قد غيرت وبدلت في احتمال آخر وعالم آخر، لكن أعتقد أن هذه النظرية لن تعمل ولن تثبت صحتها ما داموا يفكرون في عدد لا نهائي من الاحتمالات، لو بحثوا وفق ما حدده الله لنا في كتابه الكريم بسبع سموات وسبع أراضي متأكد أنهم سيصلون للنتيجة بشكل أسرع وستثبت صحة هذه النظرية.
كل ما سبق ذكره من نظريات وفرضيات وتجارب تثبت كيفية تمكن انتقال الملائكة فهم من نور، وتثبت كيفية تمكن تنقل الجن فهم من نار، والنار تصنف بأنها نور أيضاً، لكن هل يمكن للبشر الانتقال حتى وإن صحة نظريات الكم والزمان والمكان والثقب الدودي ...الخ، كيف ستطبق على البشر وكيف سنحلل ونفكك هذا الكائن إلى ذرات صغيره؟!
ما أدركه هنا إنه لا يمكن العودة للماضي أبداً إلا من خلال إيجاد أنظمة محاكاة حاسوبية تصنع ماضي مطابق أنتقل إليه، ولا يمكنني أن انتقل للمستقبل إلا إذا تنقلت بسرعة تفوق سرعة الضوء ولمدة طويلة، أو بمعجزة إلهية كمعجزة الإسراء والمعراج، ولا أعلم إن كانت فعلاً ستؤثر علي بيولوجياً أم لا، أو من خلال تأمل حقيقي وعميق أفصل فيه الروح عن الجسد لأتحرر من هذا الجسد الذري.
ولكي لا نغلق الموضوع ومن باب التفكير فيما هو خرافة لخلق سائد جديد أقول حتى الآن لا يمكن ذلك.